جعل التقدم الاقتصادي والغنى والثروة والرفاه من الهجرة الى اوروبا حلمًا لآلاف البشر
في العالم، وخصوصًا للشباب في الوطن العربي، بسبب القرب الجغرافي والتواصل
الحضاري والثقافي الذي ما زال مستمرًا من قرون. وتشكل الهجرة الى اوروبا هاجسًا
بالنسبة لدول الاتحاد الأوروبي خصوصًا مع ازدياد النزاعات في المنطقة العربية وغيرها من
مناطق العالم وازدياد أعداد الراغبين في الهجرة الى اوروبا الذين يركبون المخاطر
ويلجؤون إلى مختلف الأساليب من أجل الهجرة الى اوروبا. وأصبح من العادي أن نرى
في وسائل الإعلام أخبارًا عن مهاجرين ماتوا غرقًا أثناء عبورهم المحيط في محاولتهم
الهجرة الى اوروبا. وتشكل الطرق غير الشرعية في محاولة الهجرة الى اوروبا عبئًا على دول الاتحاد الأوروبي من ناحية أنها تفرض عليها اتخاذ
تدابر لتأمين حدودها من أجل مكافحة الهجرة غير الشرعية، واتخاذ تدابير من أجل حماية وإنقاذ هؤلاء المهاجرين تعيسي الحظ الذين قد تضل
سفينتهم في البحر أو قد يغرق مركبهم أثناء رحلة الهجرة الى اوروبا، ثم عليها أن تؤمن مراكز إيواء لأعداد متزايدين من المهاجرين غير الشرعيين،
وأن تضمن لهم حدًا أدنى من الرعاية الصحية والاجتماعية، وكل ذلك تحت أنزار جمعيات حقوق الإنسان التي كثيرًا ما ترفع صوتها احتجاجًا على الزروف
غير الإنسانية التي يعيشها المهاجرون غير الشرعيين في مراكز الإيواء في بعض الدول. وقد أضحت الهجرة الى اوروبا مادة دائمة في الصحافة
الأوروبية وموضع نقاش محتمعي وسياسي تشارك فيه منظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية على مختلف اتجاهاتها، وتأخذ مقاربات شديدة
التباين. فبعض الأحزاب وخصوصًا اليمينية قد جعلت من مكافحة الهجرة الى اوروبا والحد منها محور برنامجها السياسي، وتدافع عن موقفها في
الحد من الهجرة الى اوروبا شعارات وإحصائيات وآراء تتمحور حول خطر الهجرة الى اوروبا على هوية ومستقبل القارة، حيث ترى أن الكثيرين من
المهاجرين لا يندمجون في مجتمعاتهم الجديدة ويتجهون لتشكيل كانتونات مغلقة شديدة الاختلاف ثقافيًا واجتماعيُا، وأن استمرار تدفق المهاجرين
وازدياد أعدادهم سيؤدي في آخر المطاف إلى تغيير جوهري في هوية القارة الثقافة وإلى نبذ القيم الثقافية والأخلاقية التي بنيت عليها الحضارة
الأوروبية. ومن جانب آخر، فإن الهجرة إلى أوروبا تشكل ضغطًا على سوق العمل المتأثر أصلًا بالأزمة الاقتصادية، حيث يميل المهاجرون الجدد إلى
القبول بأجور أدنى وضمانات أقل مما يجعلهم منافسين للعاملين من أهل البلد الأصلي. من جهة أخرى يرى الكثيرون من الناشطين، خصوصًا
اليساريين، أن الهجرة الى اوروبا تمثل مصدرًا مهمًا للتنوع الثقافي والاجتماعي ويوفر فرصة للتبادل الحضاري بين الشعوب المختلفة، وأن أغلب
المهاجرين إذ ينجحون في الاندماج في المجتمعات الأوروبية فإنهم يأتون بعادات وأنماط تفكير جديدة تغني في النهاية مجتمعاتهم الجديدة. من جهة
أخرة ير اقتصاديون أن الهجرة الى اوروبا ضرورية جدًا للاقتصاد الأوروبي وقدرته على المنافسة، فشيخوخة المجتمعات الأوروبية يجعل من دولة
الرفاه في خطر، إذ أن أعداد المتقاعدين الذين يخرجون من سوق العمل والذين يبدؤون في قبض رواتب التقاعد لا توازيها أعداد الداخلين إلى سوق
العمل الذين يدفعون رسوم التأمين الصحي التي ستغطي فيما تغطي رواتب المتقاعدين، الحل إذًا هو في قدوم مهاجرين شبان يستطيعون الدخول
إلى سوق العمل فورُا والمساهمة في تمويل برامج الضمان الاجتماعي. عدا ذلك، فإن الكثيرين من هؤلاء المهاجرين هم في الحقيقة من أصحاب
الكفاءات المهنية والعلمية الذين لم تصرف دول أوروبا على تعليمهم أو تأهيلهم، بما يجعل من قدومهم ربحًا صافيًا للمجتمعات الأوروبية.
ليست الهجرة الى اوروبا في كل الحالات هجرة فقراء، فالكثيرون من أصحاب رؤوس الأموال يسعون للقدوم إلى أوروبا لاستثمار اموالهم، بحثًا عن
بيئة أكثر أمانًا، خصوصًا أولئك القادمين من دول تعيش صراعات أهلية أو عدم استقرار، في هذه الحالة تمثل الهجرة الى اوروبا لهم مخرجًا مناسبًا،
لما تشكله من حالة استقرار سياسي واجتماعي، ولما تتمتع به من بينة قانونية تقدم ضمانات لرأس المال. ولهؤلاء تقدم بعض الدول الأوروبية
إغراءات من اجل الهجرة إليها، مثل ما فعلت إسبانيا، حيث أعطت من يشتري عقارًا تزيد قيمته على خمسمئة ألف يورو حق الإقامة فبها، لمزيد من
المعلومات حول شراء عقار في إسبانيا يمكن الضغط هنا خدمات رجال الأعمال